التهاب الأوعية الدموية

التهاب الأوعية الدمويّة (بالإنجليزية: Vasculitis) هو مجموعة من الأمراض النادرة المُسبِّبة لحدوث التهاب في جدران الأوعية الدموية،[١] فيُسبِّب الالتهاب تضيُّق الأوعية الدموية، وأحيانًا انسدادها بالكامل، ممّا يؤثر في التروية الدموية لأعضاء وأنسجة الجسم المتأثرة، وأحيانًا قد تضعف جدران الأوعية الدموية فتتمدد وتنتفخ، الأمر الذي يزيد من خطر حدوث نزيف فيها.[٢]


في الحقيقة قد يؤثر التهاب الأوعية الدموية في الشرايين، أو الأوردة، أو حتى الشعيرات الدموية في جميع أنحاء الجسم،[١][٢] وقد يؤثر في عضو واحد داخل الجسم أو عدة أعضاء، وتجدر الإشارة إلى أنّه في بعض الأحيان يستمر الالتهاب لفترات قصيرة فقط، في حين يستمر في حالات أخرى لمدة طويلة.[٣]


أعراض التهاب الأوعية الدموية

تختلف أعراض التهاب الأوعية الدموية باختلاف الأوعية الدموية المتأثرة بالالتهاب، إلا أنّ هناك مجموعة من الأعراض العامة التي يشعر بها معظم المصابين، وأعراض أخرى تختلف باختلاف العضو المتأثر،[٤] ويمكن تفصيل ذلك على النحو الآتي:


الأعراض العامة لالتهاب الأوعية الدموية

هي الأعراض التي غالبًا ما يشعر بها المُصاب بالتهاب الأوعية الدموية في البداية، وتتضمن:[٤]

  • الحمى.
  • التعرّق.
  • الشعور بالتوعك العام أو المرض.
  • فقدان الوزن.
  • الصداع.[٣]


أعراض التهاب الأوعية الدموية بناء على العضو المتأثر

يمكن تفصيل الأعراض التي قد تظهر على المُصاب باختلاف العضو المتأثر على النحو الآتي:

  • الجلد: ظهور بقع حمراء نتيجة النزيف تحت الجلد، كما قد يُسبِّب التهاب الأوعية الدموية هناك ظهور تقرحات أو كتل على الجلد،[٣] وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه من الحالات غير الخطيرة التي لا يترتب عليها عادةً الإصابة بمضاعفات طويلة الأمد في حال اقتصار التهاب الأوعية الدموية على الجلد فقط.[٤]
  • الأنف: حدوث نزيف أو تقشّر داخل الأنف، وقد يتغير شكل الأنف في بعض الحالات.[٤]
  • الأذن: الدوخة، أو رنين الأذنين، أو فقدان السمع المفاجئ.[٥]
  • العيون: احمرار العيون، أو الشعور بالحكّة أو الحرقة فيهما، وقد تُسبِّب بعض أنواع التهاب الأوعية الدموية في العين فقدان البصر المؤقت أو الدائم في أحد العينين أو كلتاهما.[٥]
  • اليدان والقدمان: الشعور بالخدر والتنميل في اليدين أو القدمين، كما قد يؤدي التهاب الأوعية الدموية فيهما إلى انتفاخهما أو تصلبهما أحيانًا.[٣]
  • أصابع اليدين، والقدمان: قد يتحول لون الأصابع إلى الأزرق أو الأبيض عند التعرّض لأجواء باردة، بالإضافة إلى الشعور بالألم والتنميل فيها.[٤]
  • المفاصل: الشعور بألم في المفاصل أو تورمها.[٤]
  • العضلات: الشعور بألم في العضلات، كما قد يُسبب ذلك ضعف العضلة.[٤]
  • الرئتان: السعال، وضيق التنفس.[٤]
  • الدماغ: قد يؤدي التهاب الأوعية الدموية في الدماغ إلى الإصابة بالسكتات الدماغية وغيرها من المشاكل الصحيّة.[٤]
  • الكلى: حدوث مشاكل في التبوّل، أو ظهور الدم في البول، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأعراض في هذه الحالة قد لا تظهر حتى مراحل متقدمة من المرض.[٤]
  • الجهاز الهضمي: الألم بعد تناول الطعام، كما قد تؤدي إلى الإصابة بالتقرحات، وظهور الدم في البراز.[٥]


دواعي مراجعة الطبيب

تجدر الإشارة إلى ضرورة مراجعة الطبيب مبكِّرًا عند ظهور أي من الأعراض العامة السابقة التي غالبًا ما تظهر بدايةً على المريض،[٣] أو أي من الأعراض الأخرى غير الطبيعية، فالتشخيص المبكِّر يزيد من فرصة نجاح العلاج في العديد من الحالات، إذ إنّ بعض أنواع التهاب الأوعية الدموية تتطور وتزداد شدتها سريعًا.[٤]


أسباب التهاب الأوعية الدموية

لا يُعرَف سبب الإصابة بالتهاب الأوعية الدموية بدقة إلى الآن،[٥] إلا إنّها تنتج عن حدوث اضطرابات مناعية مُسبِّبة لمهاجمة الجهاز المناعي للأوعية الدموية عن طريق الخطأ، الأمر الذي يُسبِّب التهابها، لكن لا يُعرَف إلى الآن سبب حدوث هذا الاضطراب،[١] ومن العوامل المُحتملة التي قد تزيد من خطر حدوث مثل ذلك:[٥]

  • الإصابة بالعدوى: مثل: التهاب الكبد B والتهاب الكبد C.
  • الإصابة بسرطان الدم: مثل الليمفوما.[٥][١]
  • تناول بعض أنواع الأدوية: كدواء الهيدرلازلين (Hydralazine) المُستخدَم لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ودواء بروبيل ثيوراسيل (propylthiouracil) المُستخدَم لعلاج بعض أمراض الغدة الدرقية، وغيرها من الأدوية.[٥][١]
  • الإصابة بأمراض الجهاز المناعي الأخرى المُسبِّبة لمهاجمة أنسجة الجسم عن طريق الخطأ: مثل:[١]
  • التهاب المفاصل الروماتويدي.
  • الذئبة (بالإنجليزيّة: Lupus)،[١] وهو مرض مزمن مُسبِّب لألم المفاصل، والطفح الجلدي، والتعب، بالإضافة إلى حدوث الالتهاب في العديد من أعضاء الجسم.[٦]
  • تصلّب الجلد (بالإنجليزية: Scleroderma)،[١] وهو مجموعة من الأمراض النادرة التي تحدث نتيجة إنتاج الجسم المزيد من بروتين الكولاجين، ممّا يُسبِّب تصلُّب الجلد والأنسجة الضامة.[٧]


تجدر الإشارة إلى أنّ بعض أنواع التهاب الأوعية الدموية ترتبط بالعوامل الوراثية والجينية، إذ إنّها قد تنتقل من الآباء إلى الأبناء، كما أنّ احتمالية الإصابة ببعضها يزداد نتيجة تناول المخدرات كالكوكايين، أو نتيجة التدخين.[٥]


تشخيص التهاب الأوعية الدموية

يبدأ الطبيب عادة بالفحص البدني، والسؤال عن الأعراض، ويُتبع ذلك بالاختبارات التالية:[٨]

  • الخزعة: وهي إجراء ينطوي على سحب عينة صغيرة من أنسجة العضو المُصاب، ثمّ دراسة العينة وتحليلها للتحقق من وجود أي علامات لالتهاب الأوعية الدموية، وتعد هذه الطريقة الأدق لتشخيص التهاب الأوعية الدموية.[٨]
  • تصوير الأوعية الدموية: (بالإنجليزية: Angiogram) ويهدف هذا الاختبار للسماح للطبيب برؤية الأوعية الدموية بوضوح، ويكون باستخدام أشعة سينية، وإدخال أنبوب طويل، ورفيع، ومرن داخل أحد الأوردة أو الشرايين الكبيرة، ومن ثمّ تُحقن الأوعية الدموية بصبغة تساعد على زيادة وضوح صورة الأوعية الدموية السينية،[٩] وتُستخدم هذه الطريقة عادةً في حال عدم القدرة على إجراء الخزعة، أو فشل الخزعة بإعطاء نتائج تشخيصية محددة.[٨]
  • فحوصات التصوير: تتعدّد فحوصات التصوير التي تساعد على إلقاء نظرة على الشرايين الكبيرة وفروعها، وتشمل:[٩]
  • فحوصات الأشعة السينية (X-ray).
  • الموجات فوق الصوتية، أو ما يُعرَف بالسونار.
  • التصوير الطبقي المحوري (CT scans).
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
  • اختبارات الدم: مثل:
  • اختبار تعداد الدم الكامل (CBC).
  • فحص البروتين المتفاعل C (بالإنجليزية: C-reactive protein)،[٨] وهو بروتين ينتجه الكبد، ويرتفع مستواه في الدم عند الإصابة بالتهاب.[١٠]
  • سرعة ترسيب الدم (بالإنجليزية: Erythrocyte Sedimentation Rate)،[٨] وهو اختبار يقيس سرعة ترسب خلايا الدم الحمراء في عينة من الدم، وقد تشير السرعة الأكبر من المعتاد إلى وجود التهاب.[١١]
  • اختبارات للكشف عن وجود الأجسام المضادة، والتي غالبًا ما تتواجد نتيجة الإصابة بالذئبة أو بعض أنواع العدوى.
  • تحليل الأجسام المُضادّة للسيتوبلازم (بالإنجليزيّة: Anti-neutrophil cytoplasmic antibodies)، وهو فحص للأجسام المضادة، والتي تتواجد غالبًا نتيجة الإصابة ببعض أنواع التهابات الأوعية الدموية.[٨]
  • اختبارات تقييم وظائف الكلى والكبد، وذلك للكشف عن مدى تضرُّر الأعضاء المتأثرة.[٨]
  • اختبارات البول: وتساعد على تحديد وجود مشاكل في الكلى، وتكشف عن كمية البروتين في البول، أو عن تواجد خلايا الدم الحمراء فيه.[٩]


علاجات التهابات الأوعية الدموية

وتُصنف وفق التالي:


العلاجات الدوائيّة

ومنها ما يلي:

  • أدوية الكورتيزون: وتعد من العلاجات الأساسية لمعظم أشكال التهاب الأوعية الدموية، إذ تساعد على الحد من الالتهاب، ولكنها قد تسبِّب بعض الآثار الجانبية، مثل: زيادة الوزن، وزيادة فرصة الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم، وضعف العظام، ومن هذه الأدوية:[١٢][١٣]
  • بريدنيزون (بالإنجليزية: Prednisone).
  • بريدنيزولون: (بالإنجليزيّة: Prednisolone).
  • ميثيل بريدنيزولون (Methylprednisolone)، ومن أسمائه التجارية: ®Medrol.
  • الأدوية المثبطة للمناعة: وقد يصفها الطبيب مع أدوية الكورتيزون، لقلة آثارها الجانبية مقارنة بالكورتيزون، فتساعد هذه الأدوية على السيطرة على التهاب، وعندها يمكن إعطاء أدوية الكورتيزون بجرعات أقل، ويعتمد اختيار الدواء المُستخدَم ضمن هذه المجموعة على نوع التهاب الأوعية الدموية التي يعاني منها الشخص، ومن الأمثلة عليها:[١٣][٣]
  • سيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide)، يُوصف عادةً في الحالات الشديدة التي يرافقها حدوث تضرُّر في الأعضاء الداخلية.
  • آزاثيوبرين (Azathioprine)، ومن أسمائه التجارية: ®Imuran.
  • الميثوتريكسيت (Methotrexate)، ومن أسمائه التجارية: ®Trexall.


الجراحة

قد يتطلب علاج التهاب الأوعية الدموية إجراء العمليات الجراحية أحيانًا، ومن العمليات الجراحية التي قد يحتاجها المريض، والتي تختلف باختلاف العضو المُصاب:[١٣][٣]

  • العمليات الجراحية اللازمة لإعادة توجيه تدفق الدم حول الأوعية الدموية المسدودة، وذلك لإعادة التروية الدموية للعضو المُتضرر.
  • العمليات الجراحية اللازمة لعلاج تمدُّد الأوعية الدموية، وذلك للتقليل من خطر النزيف.
  • بعض العمليات الجراحية التي قد يحتاجها المريض، والتي تختلف باختلاف العضو المُصاب: كجراحة الجيوب الأنفية، أو زراعة الكلى.


التعايش مع التهاب الأوعية الدموية

كما ذكرنا سابقًا يوجد بعض الآثار الجانبية المرافقة للأدوية المُستخدمة لعلاج التهاب الأوعية الدموية، ويعد التعايش مع هذا الآثار من أكبر تحديات الإصابة بهذا المرض، ولكن من شأن بعض الإرشادات أن تساعد على تخفيف هذا، ومنها ما يلي:[١٤]

  • الاطّلاع على طبيعة المرض: أي معرفة ما يمكن معرفته عن التهاب الأوعية الدموية، وعلاجه، بما فيها الآثار الجانبية المحتملة للعلاجات.
  • إعلام الطبيب عن أي تغيّرات أو أعراض جديدة.
  • اتباع نظامًا غذائيًّا صحيًّا: يتضمن الإكثار من الفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، والأسماك واللحوم خالية الدهون، بالإضافة إلى الاستعلام من الطبيب إن كان هناك أي حاجة لتناول المكملات الغذائية مثل: فيتامين دال والكالسيوم، فيساعد ذلك على الوقاية من الإصابة ببعض الآثار الجانبية المرتبطة بالدواء، كالسكري، وضعف العظام، وارتفاع ضغط الدم.
  • أخذ اللقاحات الروتينية: مثل: مطعوم الإنفلونزا السنوي، والمطاعيم اللازمة للوقاية من الالتهاب الرئوي، فهذا يقلِّل من فرصة الإصابة بالعدوى، إذ يزداد خطر الإصابة بالعدوى عند تناول الأدوية المثبِّطة للمناعة.
  • ممارسة الرياضة بانتظام معظم أيام الأسبوع: فالمشي على سبيل المثال يحسن المزاج، ويحافظ على صحة القلب والرئتين، ويقي من ضعف العظام، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري.[١٥]
  • اتباع تعليمات الطبيب بشأن خطة العلاج: وقد يشمل هذا زيارة الطبيب بانتظام، والالتزام بمواعيد إجراء الاختبارات، والتحقق من ضغط الدم ومستوى السكر باستمرار.[١٥]
  • الحرص على التحدث مع العائلة والأصدقاء، بالإضافة إلى الأشخاص الآخرين المصابين بالتهاب الأوعية الدموية: للحصول على الدعم اللازم للتعايش مع المرض.[١٥]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "Vasculitis", nhlbi, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  2. ^ أ ب is an inflammation of,affect arteries, veins and capillaries. "Vasculitis"، MedlinePlus Trusted Health Information for You، اطّلع عليه بتاريخ 25/4/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Vasculitis", NCH Healthcare System in Naples, 24/11/2020, Retrieved 25/4/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز "What is vasculitis?"، versusarthritis، اطّلع عليه بتاريخ 26/3/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "Vasculitis", mayoclinic, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  6. "Lupus", nhs, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  7. "Scleroderma", mayoclinic, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  8. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Vasculitis", drugs, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت "What is vasculitis?", medicalnewstoday, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  10. "What Is a C-Reactive Protein Test?", webmd, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  11. "Erythrocyte Sedimentation Rate (ESR)", medlineplus, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  12. is vasculitis? "What is vasculitis?", medicalnewstoday, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  13. ^ أ ب ت "Vasculitis", rheumatology, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  14. "Vasculitis", sparrow, Retrieved 26/3/2021. Edited.
  15. ^ أ ب ت "Treatment for vasculitis: causes, Signs & symptoms", indianmedtrip, Retrieved 26/3/2021. Edited.