يحيط القلب غشاء ليفي يتكوّن من طبقتين رقيقتين، مع كميّة صغيرة من السوائل بينهما، ويسمّى هذا الغشاء بالتّامور (بالإنجليزية: Pericardium)، وتكمن أهمية هذه السوائل في تقليل الاحتكاك بين طبقات الغشاء أثناء حركة عضلة القلب، لكن قد يحدث نتيجة لعوامل وأسباب معينة أن تزداد كمية السوائل الموجودة بين هاتين الطبقتين،[١] فماذا تسمّى هذه الحالة؟ وما هي أسبابها؟ وكيف يمكن علاجها؟


وجود ماء في غشاء القلب

يُشار لوجود ماء في غشاء القلب باسم انصباب التّامور (بالإنجليزية: Pericardial effusion)، وهو تراكم السوائل بين طبقتي التامور المحيطة بالقلب، الأمر الذي قد يزيد من الضغط على عضلة القلب، ممّا يؤثر في قدرتها على ضخّ الدم إلى باقي أنحاء الجسم،[٢] وتجدر الإشارة إلى أنّ إهمال العلاج قد يؤدي أحيانًا إلى الإصابة بالقصور القلبي.[٣]


تجدر الإشارة إلى أنّ بعض حالات تراكم السوائل في غشاء القلب تحدث سريعًا، وبعضها يحدث ببطء مع الوقت، في حين قد يُصاب البعض بانصباب التامور بشكل متكرِّر.[٢]


أعراض وجود ماء في غشاء القلب

قد لا يصاحب وجود ماء في غشاء القلب ظهور أية أعراض، حتى وإن كانت كمية السوائل المتراكمة كبيرة، وذلك خاصةً في حال تطوّر حدوثه ببطء،[٤] أو في الحالات التي لا تنتج عن حدوث التهاب في غشاء القلب،[٥] وتجدر الإشارة إلى أنّ العديد من الأعراض ترتبط بالمُسبِّب الرئيس لحدوث تراكم للسوائل في غشاء القلب، كالحمى المرتبطة بالتهاب الغشاء،[٦] ويمكن تفصيل الأعراض في حال ظهورها على النحو الآتي:[٤]

  • صعوبة التنفُّس، وقد يكون ذلك أكثر وضوحًا أثناء الاستلقاء،[٤] ويخف عند الانحناء للأمام.[٦]
  • ألم في الصدر، تحديدًا في الجانب الأيسر منه، أو خلف عظمة القص.[٤]
  • الشعور بامتلاء الصدر.[٤]
  • انتفاخ في البطن أو الساقين.[٤]
  • انتفاخ في عروق الرقبة.[٢]
  • زيادة معدّل ضربات القلب.[٢]
  • الشعور بالدوخة أو الدوار.[٦]
  • السعال.[٦]
  • بحة الصوت.[٦]
  • صعوبة البلع.[٦]
  • الغثيان والتقيؤ.[٦]
  • ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.[٢]
  • انخفاض ضغط الدم في الحالات الشديدة.[٢]


أسباب وجود ماء في غشاء القلب

يصعب تحديد سبب تراكم السوائل في غشاء القلب أحيانًا، إلا أنّه ينتج غالبًا عن حدوث التهاب في الغشاء، أو نتيجة تجمُّع الدم داخله كما هو الحال عند التعرُّض لإصابة جسدية على الصدر، وفي أحيان أخرى قد ينتج عن مشاكل تعيق تدفُّق السائل الموجود أساسًا بين طبقتي التامور،[٣] ويمكن تفصيل الأسباب على النحو الآتي:[٤]

  • الإصابة بالجلطة القلبية.
  • التعرُّض لعمليات جراحية في القلب.
  • إصابة الغشاء بالعدوى، بما فيها العدوى الفيروسية، أو البكتيرية، أو الفطرية، أو الطفيلية.
  • الإصابة بمشاكل في الكلى.
  • الإصابة بأمراض المناعة الذاتيّة، وهي الأمراض التي يهاجم فيها الجهاز المناعي أنسجة الجسم وخلاياه عن طريق الخطأ، مثل الذئبة (بالإنجليزيّة: Lupus)، والتهاب المفاصل الروماتويديّ (بالإنجليزيّة: Rheumatoid arthritis)،[٣][٧] وداء الساركويد (بالإنجليزية: Sarcoidosis)‏.[٤][٨]
  • الإصابة ببعض أنواع الأورام السرطانية التي انتشرت من أحد أعضاء الجسم إلى القلب، أو تلك التي بدأت من أنسجة القلب نفسها.[٢]
  • التعرُّض للعلاج الإشعاعي،[٤] أو بعض أنواع العلاج الكيميائي.[٣]
  • التعرُّض لإصابة مباشرة أو الطعن بالقرب من القلب.[٩]
  • تناول بعض أنواع الأدوية، مثل:[٣]
  • الهيدرالازين (Hydralazine) المُستخدَم لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ومن أسمائه التجارية: ®Apresoline.
  • أيزونيازيد (Isoniazid) المُستخدَم لعلاج السل، ومن أسمائه التجارية: ®Nydrazid.
  • فينيتوين (Phenytoin) المُستخدَم لعلاج التشنجات العصبية، ومن أسمائه التجارية: ®Dilantin.
  • قصور القلب.[١٠]
  • قصور الغدة الدرقية الشديد وغير المُعالَج.[٤]
  • الإصابة بمرض ويبل(بالإنجليزية: Whipple's disease)،[٤] وهو عدوى بكتيرية تؤثر في العديد من الأعضاء خصوصًا الجهاز الهضمي، فتقل قدرته على امتصاص العديد من العناصر الغذائية، الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بسوء التغذية.[١١]
  • الإصابة بحمى البحر الأبيض المتوسط،[٤] وهو مرض وراثي نادر يُسبِّب الإصابة بنوبات متكررة من الحمى، والتي غالبًا ما يرافقها الشعور بالألم في البطن، أو المفاصل، أو الصدر.[١٢]


تشخيص وجود ماء في غشاء القلب

كما أشرنا سابقًا قد لا يصاحب وجود ماء في غشاء القلب ظهور أيّة أعراض، وبالتالي قد يتم اكتشافها متأخرًا بالصدفة، وذلك في حال قام المريض بإجراء فحوصات أخرى أظهرت تراكم السوائل هناك،[٥] وفي مثل هذه الحالات، أو في حال كان المريض يعاني من ظهور أية أعراض يبدأ الطبيب بفحص المريض جسديًا، ويستمع للأصوات التي يصدرها القلب عبر سماعته، وبعدها قد يوصي بإجراء المزيد من الفحوصات لتأكيد التشخيص وتحديد المُسبِّب،[١٣] ومن هذه الاختبارات ما يلي:[٩]

  • الفحوصات التصويرية: مثل: تصوير الصَّدر بالأشعة السينية (Chest X-ray)، أو التصوير المقطعي المحوسب (CT scan)، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وذلك لرؤية القلب، أو السوائل الموجودة في الغشاء.
  • تخطيط صدى القلب: أو ما يُعرَف بالإيكو، وذلك لتقدير كمية السوائل المتراكمة، ومعرفة مدى تأثيرها في عمل القلب.
  • تخطيط القلب الكهربائي: (ECG) لتحليل الإيقاع الكهربائي للقلب.
  • بزل التامور: (بالإنجليزيّة: Pericardiocentesis) وفيه يتم تحليل السائل الذي تمّ سحبه من حول القلب للتحقق من وجود أي علامات للسرطان أو العدوى.
  • اختبارات الدم: لتحديد مُسبِّب الإصابة، فيما إذا كانت ناتجة عن الإصابة بالعدوى، أو مشاكل في الجهاز المناعي، أو غيرها.[٢]


علاج وجود ماء في غشاء القلب

غالبًا يُعالج الماء في غشاء القلب عن طريق علاج المشكلة المُسبِّبة له، وبالإضافة إلى ذلك يعتمد العلاج على كمية السوائل المتراكمة، واحتمالية الإصابة بالاندحاس القلبي (بالإنجليزية: Cardiac tamponade)،[١٤] وهو الأمر الذي يتطلب علاجًا فوريًا، ففيه لا يتمكن القلب من التمدّد جيدًا نتيجة الضغط عليه، وبالتالي تقل كمية الدم الداخلة إلى القلب، وهذا يؤثر في كمية الدم التي يضخها القلب إلى أنسجة وأعضاء الجسم،[١٥] ويمكن تفصيل العلاج على النحو الآتي:


العلاجات الدوائية

تُستخدَم الأدوية لعلاج السبب الكامن وراء وجود ماء في غشاء القلب، وذلك في الحالات التي يستبعد بها الطبيب احتمالية الإصابة بالاندحاس القلبي، وتشمل هذه ما يلي:[١٣][١٠]

  • الأدوية التي تساعد على التخفيف من الالتهاب: مثل:
  • مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDs)، مثل الأسبرين أو الأيبوبروفين.
  • أدوية الكورتيزون.
  • دواء كولشيسين (Colchicine).
  • مدرات البول وأدوية علاج قصور القلب: لعلاج انصباب التامور الناجم عن قصور القلب.
  • المضادات الحيوية: في حال كان سبب الإصابة هو العدوى البكتيرية.
  • أدوية العلاج الكيميائي أو الأدوية التي تُحقن في الصدر: في حال كان السرطان هو السبب.


إجراءات طبية

قد يوصي الطبيب ببعض الإجراءات البديلة لتصريف السوائل أو لمنعها من التراكم في حال لم تأت الأدوية بنتائج جيدة، أو في حال كان هناك خطر بالإصابة بالاندحاس القلبي،[١٤] ومن هذه الإجراءات ما يلي:

  • بزل التامور: وهو ذاته الإجراء المُستخدَم لسحب عينة من السائل لتشخيص المرض، ويهدف لتصريف السوائل، عن طريق إدخال إبرة إلى الصدر نحو غشاء القلب، ثم وضع أنبوب لإخراج السائل.[١٦]
  • بَضع التامور بالبالون: (بالإنجليزيّة: Balloon pericardiotomy) وهو فتح طبقات غشاء القلب باستخدام بالون يُنفَح بين طبقتي التامور، وهو من الإجراءات النادر استخدامها.[١٣]
  • استئصال التامور: (بالإنجليزية: Pericardiectomy) وهي عملية جراحيّة يتم فيها استئصال التامور أو جزء منه، حسب ما تستدعي الحالة،[٥] وغالبًا ما تُجرى هذه العملية للأشخاص الذين يعانون من تراكم السوائل في غشاء القلب بشكل متكرِّر.[١٣]
  • عمليات القلب المفتوحة: وتُستخدَم هذه في حالات النزيف، أو لإصلاح الضرر في عضلة القلب، وفيها قد يقوم الطبيب بإحداث ممّر يسمح للسوائل المتراكمة بالتصريف نحو التجويف البطني.[٤]


ما الذي يمكن فعله لمنع تراكم الماء في غشاء القلب؟

على الرغم من وجود بعض الحالات التي لا يمكن الوقاية منها، إلا أنّه لا بدّ من إيلاء العناية القصوى بالقلب للحفاظ عليه، وتقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض المؤدية إلى تراكم الماء في غشاء القلب، ومن ذلك:[١٧]

  • اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
  • ممارسة الرياضة بانتظام واستمرار.
  • الحفاظ على وزن صحي، وفقدان الوزن الزائد.
  • الإقلاع عن التدخين، وتجنُّب تناول المشروبات الكحولية.
  • زيارة الطبيب بانتظام لعلاج المشاكل الطبية الأخرى.


المراجع

  1. "Percutaneous Balloon Pericardiotomy", Johns Hopkins Medicine, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "Pericardial Effusion", cedars-sinai, Retrieved 15/3/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج "Pericardial effusion", Drugs.com, 11/3/2020, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش "Pericardial effusion"، mayoclinic، اطّلع عليه بتاريخ 15/3/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت "What to Know: Pericardial Effusion", webmd, Retrieved 15/3/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Pericardial Effusion"، ADA، 28/11/2018. Edited.
  7. "Autoimmune Diseases", MedlinePlus Trusted Health Information for You, Retrieved 29/4/2021. Edited.
  8. "Sarcoidosis", NHS, 13/8/2018, Retrieved 25/4/2021. Edited.
  9. ^ أ ب "Pericardial Effusion"، utswmed، اطّلع عليه بتاريخ 15/3/2021. Edited.
  10. ^ أ ب "Pericardial Effusion", Cleveland Clinic Centennial, 1/9/2019, Retrieved 25/4/2021.
  11. "Whipple disease", National Center for Advancing and Translational Sciences, Retrieved 26/4/2021. Edited.
  12. "Familial Mediterranean Fever", American College of Rheumatology , Retrieved 26/4/2021. Edited.
  13. ^ أ ب ت ث "Pericardial effusion", NCH Healthcare System in Naples, 11/3/2020, Retrieved 25/4/2021. Edited.
  14. ^ أ ب "Pericardial effusion", mayoclinic, Retrieved 15/3/2021. Edited.
  15. "Cardiac Tamponade", cedars-sinai, Retrieved 15/3/2021. Edited.
  16. "What to Know: Pericardial Effusion", webmd, Retrieved 15/3/2021. Edited.
  17. "Pericardial Effusion", healthlibrary.brighamandwomens, Retrieved 15/3/2021. Edited.