الدورة الدموية الصغرى: من أين تبدأ وكيف تعمل

ما هي الدورة الدموية الصغرى؟

تُعرف الدورة الدموية الصغرى أو الدورة الرئوية (بالإنجليزية: Pulmonary Circulation)، بأنها المسار الذي ينتقل فيه الدم بين القلب والرئتين، وتتم هذه الدورة بهدف نقل الدم غير المؤكسج من أجزاء الجسم المختلفة إلى الرئتين؛ للتخلص من ثاني أكسيد الكربون، ثم يعود الدم المؤكسج إلى القلب لتبدأ الدورة الدموية الكبرى؛ ويتمثل عملها بنقل الدم بين القلب وأجزاء الجسم المختلفة؛ بحيث يُرسل الدم المؤكسج إلى الخلايا، ويعود الدم غير المؤكسج إلى القلب،^[١] ومنذ القِدم قام العلماء بوضع العديد من الفرضيات العلمية لدراسة جسم الإنسان وأجهزته، بما في ذلك الجهاز الدوراني، واستغرق الأمر جهدًا كبيرًا وسنواتٍ طويلة، وكان من العلماء الذين بحثوا في نظرية الدورة الدموية الرئوية التي استغرقت أكثر من 2000 عام كل من جالينوس، ومايكل سيرفيتوس، وريلدوس كولومبوس، إلا أن المكتشف الحقيقي والأول للدورة الدموية الرئوية هو ابن النفيس؛ إذ عُثر على مخطوطة ابن النفيس رقم 62243 بعنوان "شرح تشريح القانون" أو "تعليق على تشريح قانون ابن سينا" عام 1924 م في أوروبا، والتي أكدت على أن ابن النفيس قد وصف الدورة الدموية الرئوية من قرابة 300 عام، لذا فإن الفضل في اكتشاف الدورة الدموية الرئوية يعود إليه.^[٢]

من أين يبدأ مسار الدورة الدموية الصغرى وأين تنتهي؟

يبدأ مسار الدورة الدموية الصغرى بحمل الدم غير المؤكسج (بالإنجليزيّة: Deoxygenated blood) من الوريد الأجوف العلوي والسفلي (بالإنجليزيّة: Superior and Inferior vena cava) إلى الأذين الأيمن، ثم البطين الأيمن، من خلال "الصمام ثلاثي الشرفات" (بالإنجليزيّة: Tricuspid valve) أثناء الانبساط، أمّا أثناء الانقباض؛ ينقبض البطين ويُغلَق الصمام ثلاثي الشرفات، مما يمنع رُجوع الدم إلى الأذين الأيمن، كما يُغلق الصمام الرّئوي لمنع رُجوع الدم إلى البطين الأيمن، ثمّ يتدفق الدم غير المؤكسج إلى الشعيرات الدموية لكل رئة، ثم الأوردة الدموية الرئوية، ثم الأذين الأيسر لتبدأ منه الدورة الدموية الكبرى.^[٣]

كيّفية عمل الدورة الدموية الصغرى

تعمل الدورة الدموية الصغرى على نقل الدم غير المؤكسج من القلب إلى الرئتين لإعادة تشبعه بالأكسجين قبل أن ينتشر في الدورة الدموية الكبرى؛ إذ يدخل الدم غير المؤكسج من النصف السفلي من الجسم إلى القلب عبر الوريد الأجوف السفلي، بينما يتم توصيل الدم غير المؤكسج من الجزء العلوي من الجسم إلى القلب عبر الوريد الأجوف العلوي، وكل من الوريد الأجوف العلوي والوريد الأجوف السفلي يفرغان الدم الذي ينقلانه في الأذين الأيمن، ويتدفق الدم عبر الصمام ثلاثي الشرفات إلى البطين الأيمن، ثم يتدفق عبر الصمام الرئوي إلى الشريان الرئوي قبل أن يصل إلى الرئتين، وأثناء وجوده في الرئتين يتفرع الدم إلى الشعيرات الدموية الرئوية العديدة ليُطلق ثاني أكسيد الكربون ويُزوّد بالأكسجين، وفيما بعد يُنقل الدم المؤكسج عبر الوريد الرئوي إلى الأذين الأيسر الذي يتولى مهمة ضخ الدم عبر الصمام التاجي إلى البطين الأيسر، وعندما ينقبض القلب يدفع البطين الأيسر الدم الغني بالأكسجين عبر الصمام الأبهري (بالإنجليزيّة: Aortic valve)، إلى الشريان الأورطي (بالإنجليزيّة: Aorta)، ومن هنا تبدأ الدورة الدموية الكبرى.^[٤]

ما أهمية الدورة الدموية الصغرى؟

تلعب الدورة الدموية الصغرى دورًا مهمًا في الجسم؛ إذ تتمثل وظيفتها الأساسية بتبادل الغازات عبر الغشاء السنخي (بالإنجليزيّة: Alveolar membrane) الذي ينقل الدم المؤكسج إلى باقي أجزاء الجسم، إضافةً إلى تخليص الدم غير المؤكسج من ثاني أكسيد الكربون.^[٥]

كمية الدم التي تُضخ خلال الدورة الدموية الصغرى

تبلغ كمية الدم التي تُنقل عبر الدورة الدموية الصغرى حوالي 250 - 300 مل من الدم / متر مربع من مساحة سطح الجسم تقريبًا، ويقع حوالي 60 - 70 مل / متر مربع من هذا الدم في الشعيرات الدموية الرئوية.^[٦]

تأثير الجاذبية في الدورة الدموية الصغرى

تؤثر الجاذبية بدرجة كبيرة في الدورة الدموية الصغرى؛ ففي وضعيّة الاستقامة يحدث اختلاف في الضغط الهيدروستاتيكي (بالإنجليزيّة: Hydrostatic pressure)، مما يجعل الأوعية الموجودة في قاعدة الرئتين مفتوحة بصورة كاملة، وبالتّالي يكون التّدفّق من خلالها كبيرًا، بينما في وضع الاستلقاء يتم تدفق الدم بشكل متساوي في الأجزاء كافةً.^[٧]