يُصاب بعض الأطفال بأمراض القلب، والتي أحيانًا قد لا تستجيب للعلاجات الدوائية المُكثّفة، أو حتى لبعض أنواع جراحات القلب، فهل من الممكن لزراعة القلب أن تكون حلًّا في وضعٍ كهذا؟ وهل يتمكن الطفل بعد إجرائها من التمتُّع بحياة صحيّة، والقيام بنشاطاته اليومية كباقي الأطفال الآخرين؟[١]


زراعة القلب للأطفال

إنّ عملية زراعة القلب للأطفال هي إحدى العمليات الجراحية التي تُجرى بهدف استبدال القلب المريض بعد استئصاله من جسد الطفل، لوضع قلب سليم من شخص مُتبرع بدلًا منه، والشخص المتبرع قد يكون طفل أو شخص بالغ آخر مُصاب بمرض ما شديد لا يُرجَى الشفاء منه أبدًا، وغالبًا ما يكون هذا المرض ناتج عن التعرُّض لحادث أو إصابة جسدية ما،[٢] فيتم التبرُّع بالقلب بعد وفاة هذا الشخص،[٣] ويجب الإشارة إلى أنّ الشخص البالغ يكون قد وافق على التبرُّع بقلبه في حال تعرَّض لحادث ما مستقبلًا، ويمكن أيضًا للآباء أو الأزواج الموافقة على التبرُّع بقلب أبنائهم الأطفال، أو أزواجهم.[٢]


تهدف جراحة القلب إلى منح الطفل حياة يمكنه فيها ممارسة النشاطات المختلفة، دون وجود قيود كثيرة تمنعه من عيش حياته كباقي الأطفال الآخرين،[٤] وفي الحقيقة يعيش العديد من الأطفال الذين تعرضوّا لإجراء جراحة زراعة القلب حياة صحيّة وطبيعية بعد التعافي من العملية، إلا أنّهم قد يحتاجون إلى أخذ بعض الأدوية، ومراجعة الطبيب بشكل دوري.[٥]


لماذا قد يحتاج طفلي إلى زراعة القلب؟

يُوصى عادةً بإجراء عملية زراعة القلب للأطفال الذين يعانون من مشاكل خطيرة في القلب مؤثرة في عمله المتمثّل بضخ الدم إلى أنحاء الجسم، بحيث لا يمكن للطفل العيش دون إجراء عملية زراعة القلب، إذ يحاول الأطباء بدايةً علاج مثل هذه الحالات باستخدام الأدوية، وإجراء بعض العمليات الجراحية غير زراعة القلب، ومحاولة العديد من الإجراءات الطبية الأخرى، لكن في حال لم تتمكن مثل هذه الإجراءات من علاج الطفل، قد يلجأ الأطباء في النهاية إلى عملية زراعة القلب،[٦][٣] ونذكر من هذه الحالات الآتي:[٧]

  • وجود مشاكل في عضلة القلب، ممّا يُسبِّب عدم قدرة القلب على ضخّ الدم بكفاءة إلى باقي أنحاء الجسم.
  • مشاكل القلب الخلقية المُعقدة.
  • اضطرابات شديدة في ضربات القلب وانتظامها.
  • القصور القلبي في المراحل الأخيرة من المرض.[٣]
  • وجود أورام في القلب، أو الإصابة ببعض أنواع العدوى التي تعذّر علاجها بالطرق الأخرى.[٨]
  • التعرُّض لبعض أنواع السموم التي تؤثر في عضلة القلب وتُّسبِّب تلفها.[٨]


ما هي الإجراءات قبل عملية زراعة القلب؟

تكون الإجراءات قبل زراعة القلب وفق التالي:

  • إجراء العديد من الفحوصات والتحاليل: بما فيها:[٥]
  • فحوصات الدم، لتحديد فصيلة الدم للطفل.
  • تخطيط صدى القلب، أو ما يُعرَف بالإيكو، وفيها يتم تصوير القلب باستخدام الموجات فوق الصوتية.
  • تخطيط القلب الكهربائي (ECG)، إذ يساعد هذا الفحص على التحقُّق من الإصابة بعدم انتظام ضربات القلب، أو وجود تلف في عضلة القلب، وذلك عن طريق تسجيل النشاط الكهربائي للقلب.
  • قسطرة القلب، تساعد هذه على رؤية القلب من الداخل، وذلك عن طريق إدخال أنبوب بلاستيكي رفيع يسمى القسطرة إلى القلب عبر الأوعية الدموية.
  • خزعة القلب، وفيها يتم أخذ بعض من أنسجة القلب، لفحصها تحت المجهر.
  • إضافة الطفل إلى قائمة المرضى الذين بحاجة لقلب من متبرع: وذلك إذا قرر فريق زراعة الأعضاء أنّ الطفل بحاجة إلى زراعة القلب، ويمكنه الخضوع لمثل هذه العملية، وفي هذه الحالة قد يتنظر الطفل بضعة أيام إلى بضعة أسابيع، وحقيقةً قد يستغرق الأمر أشهر عديدة أحيانًا حتى العثور على قلب متوافق مع الطفل من متبرع، وفي هذه الأثناء يتابع الطبيب والطاقم الطبي حالة الطفل عن كثب.[٩][١٠]
  • البقاء على تواصل دائم مع الأطباء، والاستعداد لإجراء الجراحة في أي لحظة: فيجب التأكد من طريقة تواصل مناسبة متاحة على مدار الساعة، كما لا بد من إعداد حقيبة معبأة وجاهزة للذهاب إلى مستشفى زراعة الأعضاء في أي لحظة.[١٠]
  • الحرص على الالتزام بكافة تعليمات الطبيب فيما يخص الأدوية التي قد يوصي بتناولها: ونذكر من الأدوية التي قد يوصي بها الطبيب:[٤]
  • مضادات التخثر، لمنع حدوث أي تجلطات مُحتملَة في القلب.
  • أدوية لمنع حدوث اضطراب في نبضات القلب، والتي قد تصيب الأطفال المُصابين بالقصور القلبي.
  • أدوية في الوريد، في الحالات التي يكون بها القلب ضعيفًا جدًّا، وهذا قد يحتاج إلى بقاء الطفل في المستشفى إلى حين إيجاد قلب من متبرع وإجراء الجراحة.
  • اللجوء أحيانًا لاستخدام جهاز المساعدة البطينية: (بالإنجليزية: Ventricular assist device) وهي مضخة ميكانيكية تُزرع داخل جسم الطفل عن طريق عملية جراحية، وذلك لتُساعد على ضخ الدم من الحجرات السفلية -البطينين- في القلب إلى بقية أنحاء الجسم، وذلك في حال ضعف القلب وعدم قدرته على ضخّ الدم، فيدعم هذا الجهاز القلب في أداء وظيفته حتى إيجاد قلب من متبرع، ويتم إزالة هذا الجهاز عند إجراء جراحة زراعة القلب.[١١][٤]
  • الحرص على الحفاظ على صحة الطفل قدر الإمكان واتباع نمط حياة صحي: بحيث يكون الطفل مستعدًّا لزراعة القلب عندما يحين الوقت، لذلك يجب أن يساعد الأهل أطفالهم على التالي:[١٠]
  • تناول طعام صحي ومتوازن.
  • الالتزام بالذهاب إلى جميع المواعيد الطبية.
  • إعلام الطبيب على الفور في حال حدوث أي تغيُّر في صحة الطفل.


ماذا يحدث أثناء جراحة زراعة القلب؟

يُجرى تهيئة الطفل من قبل الطاقم الطبي فور وصوله إلى المستشفى عند توفّر قلب متبرع لإجراء العملية، ومن ثم يُجرى الآتي:[٣]

  • إجراء بعض الاختبارات والتحاليل للتحقق من تطابق القلب الجديد مع الطفل.
  • إدخال الطفل غرفة العمليات وتخديره ليبقى نائمًا طوال فترة الجراحة.
  • إحداث شق جراحي في صدر الطفل، وإبعاد عظام الصدر وصولًا إلى القلب.[٩]
  • استخدام جهاز المجازة القلبية الرئوية (بالإنجليزية: Heart-lung bypass)، والذي يعمل كقلب ورئتي الطفل أثناء الجراحة، فيضخ الدم إلى أنحاء جسم الطفل بدلًا من قلبه.[٩]
  • وضع القلب الجديد في الصدر، وإيصال القلب الجديد بالأوعية الدموية الرئيسية في جسد الطفل عن طريق الغرز الطبية.[٣]
  • التحقق من مدى كفاءة عمل القلب الجديد.[٣]
  • إغلاق الشق بعد التأكد من عمل القلب الجديد بكفاءة، وعادةً تستمر هذه العملية بين 4-6 ساعات.[٣]

ماذا يحدث بعد جراحة زراعة القلب؟

يمكن وصف ما بعد الجراحة كالتالي:

  • يؤخذ الطفل عادة إلى وحدة العناية المركزة (ICU) بعد الجراحة لمراقبته عن كثب: وتختلف فترة بقاء الطفل في وحدة العناية المركزة من حالة إلى أخرى،[١٢] إلا أنّه غالبًا ما يبقى من 7-10 أيام.[٥]
  • يُعطى الطفل العديد من الأدوية والسوائل عبر الوريد.[١]
  • يكون لدى الطفل أنبوب للتنفس موصولًا بجهاز التنفس الصناعي: ليساعد الطفل على التنفس، ويبقى الجهاز موصولًا لعدة أيام حتى يتأكد الأطباء من كفاءة عمل القلب الجديد، ويكون الطفل نائمًا أثناء ذلك.[٣]
  • يتواجد على صدر الطفل ضمادة تغطي موقع الشق، مع أنبوب صدري آخر لتصريف السوائل من جسم الطفل.[١]
  • يُتابع الفريق الطبي حالة الطفل عن كثب: بما في ذلك: معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ومعدل التنفس، وكمية الأكسجين في الدم للطفل، فيكون جسد الطفل موصولًا بعدة شاشات تُظهِر هذا.[١]
  • يُنقَل الطفل إلى غرف عادية داخل المستشفى بعد استقرار حالته: ويتابع الأطباء وضع الطفل باستمرار، وغالبًا يبقى الطفل داخل المستشفى حوالي 3-4 أسابيع.[٥]
  • يوضِّح الأطباء للأهل كيفية رعاية الطفل بعد خروجه من المستشفى: بما في ذلك أي تعليمات عن النظام الغذائي، والأدوية، والنشاطات التي يمكن ممارستها أو تجنُّبها، ومتى يجب مراجعة الطبيب.[١٢]
  • يحتاج الطفل إلى تناول بعض الأدوية بعد الجراحة: بما في ذلك:[١٢]
  • الأدوية المُثبِّطة لجهاز المناعة، وغالبًا يحتاج الطفل لأخذها طوال حياته، نظرًا لأن القلب الجديد يعد جسمًا غريبًا داخل جسم الطفل، وقد يحاول جهاز المناعة مهاجمته، وغالبًا ما تكون الجرعات عالية في البداية، إذ إن احتمالية رفض جهاز المناعة للقلب الجديد المزروع تكون أعلى في الأشهر الأولى بعد الجراحة.
  • أدوية لمنع الإصابة بالعدوى، ذلك لأن الطفل يكون أكثر عرضة للإصابة بمختلف أنواع العدوى نتيجة تناوله الأدوية المثبِّطة للمناعة.
  • يتابع الطبيب الطفل باستمرار بعد مغادرة الطفل للمستشفى: وقد تشمل زيارات المتابعة إجراء ما يلي:[٢]
  • الفحص البدني.
  • اختبارات الدم.
  • مخطط صدى القلب (الإيكو).
  • قسطرة القلب.
  • خزعة القلب للتحقق من رفض جهاز المناعة للقلب الجديد.
  • تعديلات على الأدوية التي يأخذها الطفل.
  • التذكير بأهم المعلومات الواجب على الطفل اتباعها في كل مرة.
  • اتباع التدابير اللازمة لوقاية الطفل من العدوى: ومن ذلك الحرص على بقاء الطفل بعيدًا عن الأشخاص المُصابين بالعدوى، كالأشخاص المُصابين بالرشح أو الإنفلونزا، بالإضافة إلى الحرص على غسل يديهم جيدًا باستمرار، ويُفضَل أي يحرص جميع أفراد العائلة على ذلك.[١٠]


متى يجب مراجعة الطبيب على الفور؟

كما ذُكَر سابقًا يحتاج الطفل المُصاب إلى تناول الأدوية المثبِّطة للمناعة بهدف التقليل من فرصة رفض جهاز المناعة للقلب المزروع، إلا أنّه أحيانًا قد يحدث ذلك، خاصةً في الأشهر الأولى التي تلي العملية،[١٢] ويمكن بيان الأعراض التي قد تشير إلى حدوث ذلك، أو تلك التي تشير إلى الإصابة بالعدوى والتي تستوجب مراجعة الطبيب على الفور على النحو الآتي:[١٢][٥]

  • الإصابة بالحمى.
  • قلة التبوّل، أو انخفاض عدد حفاضات الرضيع المُبلَّلة.
  • تسارع نبضات القلب.
  • زيادة معدل التنفس.
  • زيادة الوزن.
  • التعب.
  • التهيج.
  • ضعف الشهية.
  • التقيؤ.
  • صعوبة التنفس.[١٠]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Child Heart Transplant", chop, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Heart Transplant for Children"، hopkinsmedicine، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "When Your Child Needs a Heart Transplant"، kidshealth، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت "Heart Transplants in Children"، cincinnatichildrens، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج "When Your Child Needs a Heart Transplant", Rady Children's Hospital, 5/2013. Edited.
  6. "Heart Transplant for Children", uhhospitals, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  7. "Heart Transplant", Children's Hospital Association, Retrieved 1/4/2021. Edited.
  8. ^ أ ب Matthew Bock (26/2/2020), "Pediatric Heart Transplantation", Medscape, Retrieved 1/4/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت "Heart Transplant for Children", stanfordchildrens, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  10. ^ أ ب ت ث ج "What Is a Heart Transplant?", akronchildrens, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  11. "Ventricular assist device (VAD)", mayoclinic, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  12. ^ أ ب ت ث ج "Heart Transplant for Children", urmc, Retrieved 3/4/2021. Edited.